الطرق الداخلية الموحدية ودورها في التبادل التجاري البحري خلال القرنين 6–7هـ/12–13م

الملخص

     تتناول هذه الورقة البحثية بالدراسة والتحليل إسهامات الطرق الداخلية في تطوير التبادل التجاري البحري خلال العصر الموحّدي، مركزةً على الدور الحيوي الذي لعبته الطبيعة للنقل والتجارة في تعزيز الارتباط بين الأقاليم المغربية والأندلسية. فقد أسهمت شبكة الطرق البرية الساحلية والداخلية في ربط المدن والمراكز التجارية عبر مسارات منظمة امتدت من سبتة وطنجة شمالًا إلى سجلماسة وطرابلس جنوبًا، ومن المغرب الأقصى إلى الأندلس شرقًا وغربًا، مما منح حركة انسيابية واسعة للتجار والبضائع نحو الموانئ الكبرى.

      كما استخدمت الأنهار المغربية والأندلسية، مثل: وادي سبو، ونهر شقر، والوادي الكبير بوصفها وسائل ملاحية فعالة لنقل السلع من الداخل إلى الساحل، حيث كانت القوارب، والسفن الصغيرة تسهم في تيسير عمليات التبادل بين المدن والمرافئ. وقد مثّل ذلك نظامًا اقتصاديًا متكاملًا، يجمع بين النقل البري، والنهري، والبحري، وأسهم في ازدهار الصادرات المغربية من المنتجات الزراعية والصناعية، واستيراد السلع المتوسطية التي عززت مكانة الدولة في شبكة التجارة الدولية آنذاك.

      وتُبرز الدراسة كذلك، أهمية القوافل التجارية ووسائل النقل ودور القبائل في حماية الطرق وتنظيم المرور، إلى جانب أثر الضرائب المفروضة على حركة التجارة في دعم خزينة الدولة وتطوير بنيتها الاقتصادية. ومن خلال تحليل هذه الجوانب، تخلص الورقة إلى أن الدولة الموحّدية نجحت في بناء منظومة اقتصادية متقدمة، قائمة على التوازن بين الداخل والساحل والبحر، مما جعلها مركزًا محوريًا للتجارة والتبادل الحضاري بين العالمين الإسلامي والمسيحي في العصور الوسطى، وأسهم في ترسيخ حضورها قوة اقتصادية مؤثرة في غرب البحر المتوسط.